“لقب بطعم الفضيحة”.. ماذا فعل مارسيليا في 1993؟

يتأهب عشاق كرة القدم لمواجهة نارية تجمع إنتر ميلان الإيطالي وباريس سان جيرمان الفرنسي في نهائي دوري أبطال أوروبا 2024-2025، المقرر إقامته يوم 31 مايو/آيار الجاري على ملعب أليانز أرينا في ميونخ.
وفي كل مرة تقترب فيها المباراة الختامية لأكبر البطولات القارية، يعود اسم مارسيليا الفرنسي إلى الواجهة، ليس بسبب حضوره الفني أو نتائجه، بل لأن ذكراه مرتبطة بالنهائي الأكثر جدلًا في تاريخ دوري الأبطال. إنه نهائي موسم 1992-1993، الذي شهد تتويج مارسيليا، وفي الوقت نفسه، ميلاد واحدة من أعتى الفضائح في الكرة الأوروبية: “فضيحة فالنسيان”.
في ذلك الموسم، دخل مارسيليا التاريخ كأول نادٍ فرنسي يُتوَّج بدوري أبطال أوروبا، بعد فوزه على ميلان الإيطالي (1-0) في النهائي، ليمنح الكرة الفرنسية لقبها القاري الوحيد حتى اليوم.
لكن فرحة التتويج لم تدم طويلًا، إذ بدأت تلوح في الأفق شكوك وتحقيقات حول سلوك النادي الفرنسي قبيل النهائي، وتحديدًا خلال مواجهته مع فالنسيان في الدوري المحلي، وهي المباراة التي جرت قبل أيام من نهائي دوري الأبطال.
كان مارسيليا يسعى إلى التتويج بثنائية الدوري ودوري الأبطال، ويخشى فقدان لاعبيه الأساسيين بسبب الإجهاد أو الإصابة، ما دفع مسؤوليه إلى ارتكاب ما وصف لاحقًا بـ”الخطيئة الكبرى”.
الرشوة وشبهات المنشطات
كشفت التحقيقات أن رئيس مارسيليا حينها، برنارد تابي، والمدير العام جان بيير بيرن، قاما بعرض رشوة على بعض لاعبي فالنسيان، من أجل التراخي في المباراة وعدم إلحاق الأذى بلاعبي مارسيليا، تمهيدًا للنهائي الأوروبي.
استجاب اثنان من لاعبي فالنسيان، هما خورخي بوروتشاجا وكريستوف روبرت، للعرض، بينما رفض اللاعب جاك جلاسمان الانصياع، ليُفجِّر لاحقًا القنبلة التي هزّت أركان الكرة الفرنسية. بعد خسارة فريقه، كشف جلاسمان عن محاولة الرشوة، الأمر الذي قاد إلى تحقيقات رسمية.
وفي عام 1995، نال جلاسمان جائزة الفيفا للعب النظيف، تقديرًا لموقفه الشجاع في وجه الفساد، بينما بدأ مارسيليا رحلة السقوط من القمة إلى الهاوية.
ولم تكن قضية الرشوة الوحيدة التي لاحقت إنجاز 1993، إذ ظهرت لاحقًا مزاعم بتعاطي بعض لاعبي مارسيليا منشطات قبل النهائي، دون أن تُفتح تحقيقات رسمية بشأن تلك الادعاءات حينها، لتظل في خانة الشكوك غير المؤكدة، لكنها ساهمت في تلويث صورة الإنجاز الفرنسي النادر.
عواقب وخيمة
عقب تفجر الفضيحة، اقتحمت الشرطة منازل المتورطين، وضبطت مبالغ مالية كبيرة تؤكد صحة الادعاءات. كما أُحيلت القضية إلى القضاء الفرنسي، الذي أصدر أحكامًا بالسجن على كل من رئيس النادي والمدير العام.
أما على الصعيد الرياضي، فقد سُحب من مارسيليا لقب الدوري الفرنسي، وهبط إلى الدرجة الثانية. ورغم احتفاظه بلقب دوري أبطال أوروبا، إلا أن الاتحاد الأوروبي (يويفا) حرمه من الدفاع عن لقبه في النسخة التالية، ومن المشاركة في كأس السوبر الأوروبي وكأس الإنتركونتيننتال.
وبعد عامين من الفضيحة، أُعلن إفلاس النادي، ليقضي موسمًا إضافيًا في الدرجة الأدنى، ويبدأ رحلة طويلة للعودة إلى الواجهة المحلية والقارية.
أثر دائم
رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على الواقعة، لا تزال “فضيحة فالنسيان” حاضرة في الأذهان، خاصة عند اقتراب كل نهائي أوروبي. فكلما احتدم الصراع على المجد القاري، عاد الحديث عن ذلك اللقب الفرنسي “الملطخ”، الذي ظل وحيدًا في سجل أندية فرنسا.
ولا يمر موسم دون أن تُستحضر تفاصيل ما جرى، ليبقى السؤال قائمًا: هل كان مارسيليا ليستحق المجد لولا الطرق الملتوية؟ وهل يمكن لفريق فرنسي آخر – ربما باريس سان جيرمان هذا العام – أن يمنح فرنسا “لقبًا نظيفًا” يشفع لها بين كبار أوروبا؟