توالي إدانة مشاهير المغرب في فرنسا .. يطرح عدة تساؤلات .
ولم تمضي أيام على إدانة محكمة الجنايات بباريس، الجمعة الماضية، نجم المغربي سعد لمجرد بالسجن لست سنوات بتهمة اغتصاب شابة فرنسية، حتى جاء الدور على نجم آخر لكن هذه المرة في عالم كرة القدم، أشرف حكيمي، والظهير الأيمن للمنتخب المغربي ونادي باريس سان جرمان الفرنسي.
وفي أحدَث تطورات القضية، نفى اللاعب المغربي في تصريح لصحيفة ماركا الإسبانية ما وصفها بـ”مزاعم خاطئة”، مؤكدا أن “اتهامات الاغتصاب المزعومة، كما وردت في الصحيفة الفرنسية Le Parisien ما هي إلا أخبار زائفة تماما.
وكانت وكالة “فرانس برس” قالت إن أشرف حكيمي مستهدف بتحقيق قضائي في قضية اغتصاب بادر إلى فتْحها مكتب المدّعي العام في نانتير، وبعدما توجهت فتاة فرنسية، والتي تبلغ من العمر 23 سنة، إلى مركز للشرطة لتبلغ بأنها تعرضت للاغتصاب في منزل اللاعب المغربي يوم السبت 25 فبراير من هده السنة.
وعلى أثار الخبر المنشور عن أشرف حكيمي بشكل متزامن مع حفل جوائز “فيفا”، وبعد ثلاثة أيام فقط من الحكم الابتدائي في حق لمجرد، بدأت موجة نقاش واسعة على شبكات التواصل الإجتماعية ، في حين ذهب بعض المتتبعين إلى إبداء استغرابهم من “صيغة الجزم” بوقوع الاغتصاب حتى قبل الاستماع إلى الضحية المزعومة من لدن المحققين، لا سيما أن الصحيفة الباريسية وصفت اللاعب بـ المعتدي والمغتصب، في خرق سافر لمبدأ افتراض البراءة.
ومحام مغربي مسموح له بالترافع لدى المحاكم الفرنسية، رفض الكشف عن هويته، قال إن الأمر يتعلق حاليا بـ مجرد تصريح أو إفادات تقدمت بها فتاة فرنسية، مؤكدا أنه حتى الأن لا يوجد بالدليل الملموس ما يفيد وجود واقعة الاغتصاب وتفاصيلها كما تسرّبت إلى الصحيفة الفرنسية ونشرتها حتى قبل استنطاق حكيمي والتحقيق معه.
أما بخصوص تزامن إثارة مزاعم الاغتصاب ضد اللاعب حكيمي مع تصاعد واشتداد التوتر في العلاقات المغربية الفرنسية التي تعرف برودا منذ أواخر سنة 2021، رفض المحامي ذاته الربط بين الأمريْن أي مع قضية سعد لمجرد، معتبرا أنه وجب انتظار اكتمال باقي المعطيات للخروج بحكم متكامل ونظرة عقلانية للموضوع.
وكما سجل متابعون للشأن الفرنسي، زيادة واضحة في منسوب التوجس والمخاوف، في الآونة الأخيرة، بين المشاهير المغاربة المسلَّطة عليهم أضواء الإعلام الفرنسي والرأي العام، من كمية الإدانة والتي باتت تحفل بها بعض المنابر التي استغلت ظرفية توتر العلاقات بين الرباط وباريس لضرب كل ما يمس صورة المملكة ومواطنيها.
ومن جهته شدد ، رئيس مركز الشمال لحقوق الإنسان، محمد بن عيسى،على ضرورة قراءة تطورات الأحداث الجارية في العلاقات المغربية الفرنسية في إطار سياق عام يتمثل في استهداف رمزي وممنهج للمصالح المغربية، وبعدما دعا المغربُ فرنسا بشكل مباشر وغير مباشر للخروج من منطقة الضبابية وتبني موقف واضح من قضية الصحراء المغربية.
كما شرح الحقوقي المغربي محمد بن عيسى ، في تصريح له، بأن فرنسا في عهد ماكرون رفضت التقليص من تواجد مصالحها بالمغرب في ظل توجه وانفتاح جليّ للرباط نحو شركاء جدد، معتبرة أن المغرب يتحدّاها بذلك في المنطقة.
وقد أضاف محمد بن عيسى أن ماكرون مازال يحاول استغلال الصراع المغربي-الجزائري لإنقاذ فرنسا المفككة داخليا والضعيفة اقتصاديا والفاقدة لجاذبيتها في كثير من مناطق نفوذها التقليدي، كـأفريقيا جنوب الصحراء، مثلا، لصالح قوى جديدة.
كما ربط محمد بن عيسى انفجار سلسلة من القضايا التي تحاول ضرب الرأسمال الرمزي للمغرب والمغاربة بما تعيشه فرنسا من تراجعات داخلية وخارجية، موردا في هذا السياق قضية التجسس بواسطة نظام بيغاسوس، وقضية الفساد بالبرلمان الأوروبي، مع إعلان حلّ مفترض لمجلس الديانة الفرنسي الذي يترأسه المغربي محمد موساوي .
وسجل رئيس مركز الشمال لحقوق الإنسان أن فرنسا توّجَت متواليات استهدافها للمملكة بـربط الاغتصاب وقضايا جنسية بالمغاربة المقيمين فوق أرضها، هدا في محاولة لضرب ما يمكن تسميته الرأسمال الرمزي للمغرب والضغط أكثر بتوظيف ممنهج لوسائل الإعلام الفرنسية .
وخلص الحقوقي المغربي محمد بن عيسى إلى أن قضية أشرف حكيمي تتضمن مؤشرات خرق واضح لمبدأ قرينة البراءة، خصوصا أن نجم كرة القدم سارع إلى نفي ذلك، كما أن هناك تسريبا ممنهجا للتحقيقات والأبحاث التي ما زالت سارية، ورغبة فرنسية أكيدة في إدانة اللاعب المغربي حتى وقبل بداية التحقيق معه.
كما ختم محمد بن عيسى بالإشارة إلى ازدواجية في التعامل، قائلا إن القضايا الجنسية التي يتورط فيها فرنسيون لا تلقى الاهتمام نفسه من طرف القضاء ولا حتى الإعلام الفرنسي، والنموذج هنا المليونير الفرنسي جاك بوتييه، مالك شركة فيلافي المتورط في قضايا اغتصاب واحتجاز قاصرات مغربيات بفرع الشركة بطنجة، وهو الملف الذي ما زال رائجا أمام هيئة القضاء المغربي .