« عند عزوفك… هناك من يقرر بدلاً منك !! » – اليوم 24

قال نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بأن العزوف الانتخابي هو الذي يلوث العمل السياسي، ويسمح بوصول من يلوثون السياسة ويلبسونها ثوب المصالح لمراكز القرار، وهو ما ينتقده المواطنون، داعياً الطلاب والطالبات إلى الانخراط في التغيير والبدء بالتسجيل في اللوائح الانتخابية والتصويت لمن يرونه صالحاً لخدمة مصالح المواطنين.
حديث بنعبد الله كان مع الطلبة الحاضرين مساء أمس الجمعة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول، أثناء مداخلته في محاضرة منظمة من طرف ماستر الدبلوماسية الروحية والتحولات السياسية في إفريقيا، قائلاً، « بأن فئة كبيرة من الشباب لا تصوت، ولا تعبر عن موقفها من البرامج الانتخابية، في الوقت الذي كانت فيه الجامعة المغربية قبل عقود من الزمن مخترقة بالأفكار اليسارية بمختلف تلاوينها، قبل أن تتطور الأمور وتدخل إلى الساحة عدة أفكار ومشارب جديدة ».
وحاول بنعبد الله من خلال حديثه للطلبة، الاستعانة بالإحصائيات المتعلقة باللوائح الانتخابية التي تظهر عزوفا كبيراً في صفوف المواطنين، قائلاً « بأن العزوف ليس حلا، فعندما لا تقرر من يسير شؤونك، هناك من يشتغل بآليات أخرى للوصول للمناصب السياسية ويقرر بدلاً منك ».
ووفقا لسيرورة النقاش المثار في الندوة، بدأ نبيل بنعبد الله كلمته بخصوص الموضوع مخاطباً الطلبة قائلاً: « نحتاج اليوم إلى إيجاد صيغ مختلفة لجلب اهتمامكم بما يجري في بلادنا وفي غير بلادنا، لأن هناك بعض الإشكاليات التي تطرح، ومن الواجب أن ننصت إليكم، ونتكلم عن بعض الجوانب المتعلقة بتجاربنا الشخصية في السياسة، والتي مر منها مئات الشباب الذين خاضوا هذه التجربة ».
» ففي البدايات – يضيف بنعبد الله- نشير إلى ضرورة إذكاء السياسة عند التلاميذ في بداية مسارهم الثانوي وأساساً لدى الطلبة والطالبات في بداية مسارهم الجامعي من السنة الأولى، حيث يقول بعض المفكرين: إذا لم تهتم بالسياسة في عمر 21 سنة، فصعب جداً أن تلتحق بهذا الركب عندما تتجاوز هذا السن … ».
وقال، « ليس من السهل اليوم إقناع الشباب بالمشاركة السياسية، ولو أن الأمر متعلق بمشاكلهم اليومية، خلافا لما كان بالأمس القريب في الجامعات، حيث يعتنق الطالب النقاش السياسي مبكرا، فهل من الممكن أن أقدر اليوم على إقناعكم بالطرح الاشتراكي بكل سهولة ؟ في وقت لا يلائم هذا الطرح واقعكم !!
» شخصيا … -يضيف بنعبد الله- بدأت السياسة في سن 17 سنة، وكنا لا ننتظر شيئاً من العمل السياسي، بل كان دخولنا له انطلاقاً من المرجعية الفكرية الإديولوجية بشكل محض، ولم نكن ننتظر من ذلك أي جزاء، أو أي مسار، لأنه في ذلك الزمان كانت أغلبية الأحزاب ممنوعة، ولم نكن نتوقع الحصول على أي منصب، لأننا اخترنا الانخراط في أحزاب معارضة لها تصورات معارضة تماما للتصورات المعمول بها آنداك.
وبالتالي كنا نعتبر قيام حكومة تضم الأحزاب التي ننتمي إليها شيئا لن نشهده ولن نراه في حياتنا، غير أن الأمور تطورت وشاءت الأقدار بعد ذلك بتسريع التحولات التي شهدتها بلادنا، وبالتالي سارت الأمور في اتجاه معاكس، هكذا كنا آنذاك … » .
» لكن هل يمكن إقناع الشباب بالانخراط في السياسة أو المشاركة فيها بسهولة ؟ لا أعتقد أن تنجح الوصفة اليوم دون إعطاء معنى لما نقوم به، فلماذا نهتم بالسياسة ولأجل ماذا ؟
طبعاً … إذا تتبعتم ما يقال في المواقع بشكل سطحي سيصعب أن تثقوا في أي شيئ، لأن هناك من يحلو له دون وعي في بعض الأحيان أن يقدم السياسيين والسياسيات دون تمييز بأن كل هؤلاء يريدون فقط أن يخدموا مصالحهم من خلال استغلال إمكانيات الدولة، أو تنعت هذه الأوساط بأنها غير نزيهة وتقوم بأشياء مخالفة للقانون دون تمييز … » .
وقال بنعبد الله: « تصوروا … أنه من يتكلم مع السياسيين بهذه الطريقة ويضع جميع السياسيين وجميع الأحزاب دون تمييز في خانة واحدة، فحتى داخل نفس الحزب يمكن أن تجد الفضلاء والفضليات/ ويمكن أن تجد بينهم بعض المنحرفين عن القيم والمبادئ التي يحلها هذا الحزب، لكن تصوروا أن نقول لكم نفس التعميم، بخصوص الطلبة والأساتذة، ونحملهم هاته الصفة نضعهم في كفة واحدة، فعندئد ستردون وتقولون بأن لكل واحد منا مساره وتجربته وأسرته ومحيطه وتضيحات عائلته ليكافح ويجد فرصة لنفسه في المجتمع، ولا ينبغي التعميم … ».
فهكذا بالضبط يتم التعامل اليوم بالنسبة لعدد من الأوساط المعلقة لما يجري في الفضاء السياسي بشكل ظالم، -يضيف بنعبد الله- فالسياسة في أعماقها نبل وأخلاق، والأساتذة أمامي لا يمكنهم أن يدرسوكم من الناحية الأكاديمية والنظرية غير ذلك، بعد ذلك يمكن أن تكون التصرفات الشخصية شيئا آخر، لكن في الأصل السياسة نبل وأخلاق وبدون ذلك ليست سياسة ».
واستمر المتحدث في مخاطبة الطلبة قائلاً: « كيف يمكن أن نبين لكم أن هناك فرقا ؟ فبقدر ما تبتعدون أنتم عن الاهتمام بالسياسة، وهذا الأمر أصبح طاغياً ويشكل موقف الأغلبية منكم، وسيبدو الأمر واضحاً عند استقراء وضعكم الانتخابي، وتسجيلكم في اللوائح الإنتخابية، حيث سأصدم بأن أغلبكم لم يتم تسجيله في اللوائح، هناك من يقرر بدلا منكم ويسعى لذلك بطرق بديلة ».
» بينما سنجد أن المسجلين فضلوا عدم التصويت، وفي ذلك تتجلى أهمية ما نحن بصدده معكم بالخصوص، أنتم في هذه الكلية وأمثالكم ممن يشكلون مليون و300 ألف طالب في المغرب وبسن رشد قانوني، سنجد بأن الأغلبية الساحقة تنتمي لـ 18 مليون من المغاربة الدين لا يشاركون في السياسة بشكل مباشر، خاصة في العملية الانتخابية » .
وقال بنعبد الله، « يوجد 27 مليون مغربي يتجاوز السن القانوني، من بينهم 9 ملايين مغربي غير مسجلين، عدد منهم ينتمي للأجيال التي تأتي تدريجياً في السنوات الأخيرة ولم تسجل في اللوائح، بينما تظل 18 مليون من المسجلين في اللوائح الانتخابية، من بينهم 50 في المائة فقط من المصوتين والمصوتات، يعني 9 ملايين متبقية لا تصوت ».
وأضاف، من منطق حسابي: يعني 18 مليون مغربي ومغربية لا يصوتون وأغلبهم شباب، إضافة لاحتساب حوالي مليون شخص تعتبر عملية تصويتهم ملغاة، حيث يحضرون للتصويت لكن لا يصوتون على أحد كنوع من التعبير على عدم الرضى، في المقابل من ذلك هناك من يدبر أمركم بدون اختياركم، وبدون إرادتكم هناك حكومة، اتفقتم أو لم تتفقوا، وكيف أتت الله أعلم !! .
Source link