إذلال وترويض.. برشلونة ينهار في ليلة أثينا المرعبة

في الرابع من مايو/أيار 1994، شهد ملعب أثينا الأولمبي واحدة من أكثر الليالي درامية في تاريخ دوري أبطال أوروبا.
برشلونة بنسخة “فريق الأحلام” بقيادة الملهم يوهان كرويف، دخل النهائي بثقة عالية، حاملا آمال جماهيره العريضة، لكن ميلان، بقيادة المايسترو فابيو كابيلو، كان له رأي آخر.
تلك المباراة تحولت إلى درس كروي قاسٍ، حيث أذل ميلان برشلونة بنتيجة 4-0، مُظهرًا كيف يمكن للعمالقة أن يسقطوا بقوة تحت وطأة التكتيك الإيطالي المتقن.
لم تكن مجرد هزيمة، بل جرح عميق في قلب فريق أسطوري منح بلوجرانا أول لقب لدوري الأبطال (1992)، يذكّر دائما بأنه حتى أعظم الفرق قد تتذوق مرارة الانهيار.
بعد هذه المباراة انفرط عقد برشلونة ورحل الحارس الشهير أندوني زوبيزاريتا، كما غادر النجم مايكل لاودروب، مما أطلق شرارة العد التنازلي لصانع فريق الأحلام الذي أقيل بعدها بعامين… كل شيء بدأ في أثينا.
كان برشلونة حينها مرشحا بقوة للتتويج بلقبه الأوروبي الثاني في غضون 3 أعوام مع فوزه بلقب الدوري الإسباني 4 أعوام على التوالي.
كما أتت تلك العثرة المؤلمة في وقت كان يعاني فيه ميلان بقيادة فابيو كابيلو من أزمات عديدة قبل النهائي، كإصابة مهاجمه البارز ماركو فان باستن ولاعبه جيانلويجي لينتيني، مع إيقاف الثنائي فرانكو باريزي وأليساندرو كوستاكورتا.
لكن نجح ميلان في اكتساح البارسا في ذلك النهائي برباعية نظيفة بعدما ارتكب كرويف هفوة قاتلة.
التحضير
استعاد كابيلو ذكريات تلك المباراة في حوار سابق مع صحيفة “Elperiodico” قائلًا: “أتذكر كل شيء عن تلك المباراة، في اليوم السابق للنهائي تدربنا في ملعب المباراة قبل برشلونة”.
وأوضح أنه ترك اثنين من مساعديه يراقبون تدريب برشلونة.
وأردف: “كانوا يتحدثون مع الحكام قبل ساعات من المباراة، وقيل لي إن كرويف كان مستلقيًا على أرض الملعب مسندًا رأسه على كرة، ولاحظوا أنه طلب من الحكام سقاية الملعب قبل بدء المباراة، ولم يكن ذلك إلزاميًا”.
وأضاف كابيلو: “أتذكر أننا أعددنا جيدًا للمباراة… كنا نعلم نقاط ضعفهم… ولم نسمح لجوارديولا بالتمتع بالهدوء عندما كان يحاول بدء هجوم برشلونة”.
وبين: “فكرنا بنفس الطريقة مع كومان الذي تميز بالتمريرات العمودية والسريعة، أردنا دفعهما (كومان وجوارديولا) للجوء إلى الجبهة اليمنى حيث يتواجد فيرير الذي كان أقل جودة في الهجوم من الآخرين”.
وزاد قائلا: “أردنا قدر الإمكان أن يبدأ كل شيء من هذا الجناح، وبالتالي راقبنا جوارديولا بألبرتيني طوال الوقت، ووضعنا ماسارو وسافيسيفيتش عند كومان”.
وأردف: “ضغطنا بقوة هائلة في الوسط عبر ديسايي، وطبقت ما فعلته في الخسارة السابقة أمام ريجينا، إذ أنني مع غياب باريزي وكوستاكورتا، وضعت مالديني في قلب الدفاع بجانب فيليبو جالي”.
وكشف: “كما وضعت بونوتشي على اليسار وفي اليمين تاسوتي، فلم ينجح برشلونة سوى في خلق فرصة واحدة، وتفوقنا عليهم كثيرا”.
توتر وهفوة
ومضى كابيلو يقول: “رأيت برشلونة متوترًا للغاية وارتكبوا أخطاء كثيرة، لم يسيطروا على المباراة في أي لحظة، بدا أن المباراة بلا نهاية بالنسبة لهم حيث سجلنا هدفنا الرابع في الدقيقة 58”.
وأكد: “هذه حقيقة، وفي الهدف الثاني لمسنا الكرة 23 مرة قبل أن نسجل، كنا جيدين للغاية، قدمنا مباراة شبه مثالية”.
وعن استيائه من تصريح كرويف بعد المباراة بأنهم خسروا لارتكابهم الأخطاء، رد: “أرجوك يجب أن تحترم المنافسين”.
وهاجم كرويف قائلا: “لقد ساعدني كثيرًا بعدم دفعه بمايكل لاودروب في النهائي، عندما شاهدت تشكيل برشلونة أتذكر أنني قلت إنه من الأفضل ألا يلعب”.
وفسر: “لأنه (لاودروب) يملك الجودة الكافية ليسبب لنا لمتاعب بفضل سرعته الذهنية ومراوغاته وتفوقه فرديا، كان إيقافه دائمًا صعبًا، كنا عليا مضاعفة مراقبته لتفادي المشاكل”.
واستكمل المدرب الإيطالي: “عندما لا أراه في الملعب كنت أكثر هدوءًا بلا شك، كان أفضل لاعب لدى برشلونة، لكنهم كانوا فريقًا رائعًا بتواجد زوبيزاريتا وكومان وجوارديولا وستويتشكوف وروماريو، لكننا درسناهم جيدًا وعرفنا كيف نوقفهم”.
الحرب الذهنية
وكشف كابيلو عن أجواء غرفة ملابس ميلان وقتها وما قاله للاعبين، وأضح: “طالبتهم بالهدوء، وركزت على مشهد كرويف الذي كان ينام واضعا رأسه على الكرة قبل يوم من النهائي”.
واسترسل: “بدا نائمًا ومستلقيًا على العشب وكأنه ضمن التتويج بالكأس، وهذا ما قالوه، لكن الحقيقة أنه كان عليه مواجهة ميلان”.
وأضاف: “لم أشاهد المباراة منذ 1994، لكن في فترة كورونا شاهدته بعد 27 أو 28 عامًا، وأحببت ذلك. اللاعبون قدموا كل شيء بمثالية”.
وبين: “لم أتحدث أبدًا مع كرويف عن اللقاء عندما تقابلنا في مناسبات عدة، ولكن يجب الاعتراف أن كل شيء قاله قبل النهائي ساعدني في تحفيز اللاعبين، ومنها قوله إن لديهم ديسايي لكن لدينا روماريو، وأخبرت مارسيل بذلك”.
وواصل كابيلو: “الحرب الذهنية ساعدتنا، لم يؤمن أحد بقدرتنا على الفوز في النهائي، لكننا دخلنا بحيوية كبيرة واسترخاء”.
واختتم: “في النهاية شعرنا بالسعادة وفزنا بينما لم يكن أحد يثق بنا. أتذكر أنني لم أدفع إلا بتغيير واحد في اللقاء، فقد كان كل شيء مثالي ولا توجد أي مشكلة”.