سياسة

ورقة بحثية توصي المملكة بالانفتاح على النخب اليسارية في أمريكا اللاتينية

لطالما شكل ملف الصحراء المغربية واحدا من الملفات الخلافية التي تتباين بشأنها مواقف دول أمريكا اللاتينية، تبعا للإيديولوجيات السياسة التي تتبناها النخب الحاكمة في هذه الدول. وقد كانت المنطقة ثاني أهم فضاء جغرافي يتفاعل مع ملف النزاع حول الصحراء بعد الفضاء الإفريقي، حيث دعمت بعض دوله الأطروحة الانفصالية منذ ظهورها، كما اعترفت بـ”الجمهورية الصحراوية” المزعومة.

في هذا الصدد، سلطت ورقة بحثية حديثة الضوء على العلاقة بين السياسة الخارجية والإيديولوجية وطبيعة الأنظمة السياسية في الدول اللاتينية، وتأثير العامل الداخلي في هذه الأخيرة على مواقفها من قضية الصحراء المغربية، مبرزة أن “مؤسسة الرئاسة في أمريكا اللاتينية تتمتع بصلاحيات واسعة لا تكاد تقيد من حيث الممارسة، فرغم تأثر نظمها الرئاسية بالنموذج الأمريكي إلا أنها تجاوزته عمليا من حيث قاعدة التوازن بين السلطات”.

وأشارت الوثيقة عينها، الصادرة عن “مرصد أمريكا اللاتينية”، إلى “اختلاف أنماط الهيمنة الرئاسية حسب الدول، حيث تمثل المكسيك أعلى مستويات هذه الهيمنة، متبوعة بالأرجنتين؛ فيما تظهر بعض المقاومة حول السلطة في كل من البرازيل والشيلي”.

وحول المواقف الإيديولوجية لدول المنطقة من قضية الصحراء المغربية، أبرز المصدر عينه أن “بنما كانت أول دولة تعترف بالكيان الانفصالي سنة 1978، تلتها بعد ذلك عدة دول في المنطقة، غير أن التحركات الدبلوماسية المغربية النشيطة في أمريكا اللاتينية للتعريف بحقيقة النزاع تكللت بتسجيل سلسلة من سحب الاعترافات بهذا الكيان”.

كما يلاحظ أن قضية الصحراء المغربية في هذا الحيز الجغرافي “ترتبط بقرار وإيديولوجية رئيس الدولة، وبالتناوب السياسي على السلطة بين اليمين واليسار، حيث يظهر ميل عام للأحزاب اليمينية في أمريكا اللاتينية إلى تفهم الموقف المغربي مقابل الأحزاب اليسارية المنغلقة التي تتخذ مواقف سلبية عن جهل بهذه القضية”.

وشددت الورقة البحثية، لكاتبها محسن منجد، الباحث المتخصص في شؤون أمريكا اللاتينية، على أن “قضية الصحراء لا تدخل ضمن أولويات أجندة السياسة الخارجية لدول المنطقة، وإنما تستعملها الأحزاب السياسية لإبراز قدرتها على إحداث تغيير في السياسة الخارجية للبلاد”.

وفي تتبعها لمسار المواقف السياسية بشأن النزاع المفتعل حول الصحراء، أوضحت الوثيقة أن “فترة الثمانينيات من القرن الماضي عرفت تفاعل مختلف الإيديولوجيات السياسية اليمينية واليسارية مع الانفصاليين، حيث سجلت الفترة ما بين 1979 و1989 14 حالة اعتراف بالكيان الوهمي”، مردفة: “يمكن تفسير تقارب وجهات النظر بين المعسكرين إلى التضليل الذي قامت به البوليساريو والداعمون لها، حيث كانوا سباقين إلى نشر أطروحتهم في المنطقة وكسب التعاطف الشعبي والرسمي لدولها، في وقت كان الحضور الدبلوماسي للمملكة في أمريكا اللاتينية ضعيفا”.

وبفعل التحولات الكبرى التي شهدها النظام العالمي وانهيار المعسكر الاشتراكي مقابل هيمنة الخيار الديمقراطي الليبرالي، “توجهت الدول إلى البحث عن حلول للنزاعات السياسية دون التضحية بمبدأ الوحدة الترابية، ومالت معه الدول التي يحكمها اليمين نحو سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية مقابل دعم الحل السياسي في إطاره الأممي”، وفق المصدر ذاته.

وبالإضافة إلى اليمين فقد سحبت بعض الدول التي حكمها يساريون هي الأخرى اعترافها بالجمهورية الوهمية، إذ أشارت الورقة في هذا الصدد إلى “سحب جمهورية الدومينيكان اعترافها بالبوليساريو سنة 2002 إبان حكم الرئيس اليساري هيبوليتو ميخيا”.

وسجل المصدر عينه أن “أغلب حالات الاعتراف بالكيان الوهمي كانت تدخل ضمن حالة العود، أي إن الاعتراف يكون من طرف دول سبق لها أن اعترفت بهذا الكيان وسحبته لتعود من جديد لتسجل اعترافها به”، مشيرا إلى حالة كل من الهندوراس والسلفادور ونيكاراغوا وبنما وكولومبيا والإكوادور وبوليفيا، وأخيرا باراغواي؛ فيما ظلت مجموعة من الدول وفية لموقفها بعدم الاعتراف بالانفصاليين على غرار الأرجنتين والبرازيل والشيلي.

وخلصت الورقة البحثية إلى أن “دول أمريكا اللاتينية في حاجة إلى وضع ميثاق ديمقراطي لوضع حد للصراعات الإيديولوجية بين الحكومات اليمينية واليسارية على حساب مصالح الدول”، مشددة على أن “مصلحة الرباط في هذه المنطقة تكمن في اختراق التوجهات السياسية يمينية كانت أو يسارية؛ فرغم أن المغرب نجح في تجاوز سياسة الكرسي الفارغ في المنطقة والانفتاح على النخب اليمينية فإن الانفتاح على نظيرتها اليسارية أصبح يفرض نفسه بقوة في الوقت الراهن”.

Elaouad

جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة. تقدم آخر أخبار المغرب والعالم العربي بالاضافه الي أقوي الفيديوهات والصور الحصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى