هل تصل شظايا تنامي نشاط المنظمات الإرهابية في غرب إفريقيا إلى المغرب؟

يبدو أن الأخبار القادمة من غرب إفريقيا لا تبشر بالخير، إذ إن نشاط المنظمات الإرهابية في تنامٍ مضطرد، وهو ما أكده رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) عمر علي توراي، في مداخلة بمجلس الأمن الدولي.
وقال توراي، وفق ما نقلته تقارير إعلامية دولية، إن منطقة غرب إفريقيا عرفت “ما لا يقل عن 1800 هجوم إرهابي في الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية”، مبرزا أن هذه الهجمات أدت إن مقتل حوالي 4600 شخص، وخلفت تداعيات وخيمة على سكان المنطقة.
وأفاد المتحدث ذاته بأن الهجمات المذكورة سجل منها 844 هجوما في مالي، و77 في النيجر، و70 هجوما في نيجيريا، الأمر الذي يبين عمق الأزمة واستفحال الظاهرة الإرهابية في القارة السمراء.
كما اعتبر توراي أن تنفيذ هجمات إرهابية في بنين وتوغو “مؤشر صارخ على اتساع نطاق هذه الجرائم لتشمل الدول المطلة على البحر”، مشددا على أن هذا الوضع يشكل “تهديدا حقيقيا” للأمن الجماعي في غرب إفريقيا، وفق تعبيره.
وتأتي تصريحات المسؤول الإفريقي لتقرع مرة أخرى جرس الإنذار إزاء الإرهاب المتعاظم في إفريقيا، وخاصة منطقة الساحل وغرب القارة، ما يمثل تهديدا حقيقيا للأمن والسلم في كافة دول القارة، بل يمكن أن يمس حتى العالم.
موجة جديدة
في قراءته للتطورات، اعتبر خالد يايموت، الخبير في العلاقات الدولية والجماعات المسلحة، أن ظاهرة الإرهاب بالساحل تتسم بـ”التعقيد وتداخل العاملين الخارجي والداخلي في ظهورها وانتشارها وازدياد حدتها وتأثيراتها بالمنطقة”.
وقال يايموت، في حديث مع هسبريس، إن إعلان رئيس مفوضية “سيدياو” أمام مجلس الأمن أن غرب إفريقيا عرف حوالي 1800 هجوم إرهابي في النصف الأول من سنة 2023 يدل على أن المنطقة تعيش “موجة جديدة من دينامية الظاهرة الإرهابية، ما يهدد أمن منطقة غرب إفريقيا والساحل والصحراء”، وأضاف أن هذا التطور المزعزع للاستقرار والسلم بالمنطقة يأتي في ظل “اشتداد دينامية أخرى بالمنطقة، وهي الصراع الدولي على غرب إفريقيا، خاصة بين القوى التقليدية الممثلة في فرنسا وبريطانيا والقوى الجديدة، خاصة وروسيا والصين، مع محاولات الولايات المتحدة العودة بقوة إلى المنطقة”.
وتابع المتحدث ذاته مبينا أن الصراع الدولي الذي تزايد منذ سنة 2014 بالمنطقة “يساهم حاليا في تنشيط الصراعات الداخلية العرقية والقبلية؛ بينما تستغل التنظيمات الإرهابية حالة هشاشة الدولة وتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لتلعب على الوتر الديني والعرقي والقبلي لاستقطاب الشباب وتأطيرهم بأفكار وممارسات إرهابية”.
المغرب مهدد
وردا على سؤال هل يمكن أن يؤثر ذلك على المغرب؟ قال يايموت: “نعم بكل تأكيد، هناك تأثير مباشر بالنسبة للمغرب بما يحدث في الساحل؛ لأننا لم نعد نتحدث عن تنظيمات ‘نصر الإسلام والمسلمين’ أو ‘القاعدة’ أو ‘داعش’ أو ‘بوكو حرام’ فقط”، وزاد موضحا: “ما يجب أن ننتبه إليه حاليا هو أننا أمام المئات من الميليشيات المسلحة بالساحل وغرب إفريقيا، التي تمارس الأعمال الإرهابية باسم الدين أو العرق أو القبلية…”، مردفا بأن التهديدات الأمنية تكون “عابرة للحدود وتصبح إقليمية من حيث السلاح والتجنيد والتمويل والبحث عن الموارد والكادر البشري”، ومشيرا إلى تعاون “جبهة البوليساريو” مع الإرهابيين، الذي سجلته كثير من التقارير الدولية.
وأفاد الخبير ذاته بأن “تهديدات التجنيد تبقى مستمرة، ومن ذلك ما أعلنه المغرب قبل أيام من اعتقال حوالي 50 فردا بشبهة الإرهاب”، مردفا بأنه “لا بد من إيجاد صيغة دولية أكثر تطورا للتعاون الأمني تدمج كل دول شمال إفريقيا ودول غرب إفريقيا والساحل، لمواجهة تنظيم ‘داعش’ في المنطقة، وبالتالي ترجمة توجهات الاجتماع الأخير لأعضاء التحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية، الذي عقد بالمغرب 2023، وشاركت فيه 15 دولة إفريقية و37 أوروبية ودول من آسيا وأمريكا الشمالية و13 دولة عربية”.
شرط هزيمة الإرهاب
من جهته، وصف محمد قمار، رئيس المرصد المغربي لنبذ التطرف والإرهاب، الأرقام المعلنة بـ”المخيفة جداً”، مؤكدا أن الوضع يفرض على جميع الدول اتخاذ الحيطة والحذر.
وسجل قمار، في اتصال مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن مخيمات جبهة البوليساريو أضحت تمثل “مشتلا من مشاتل الإرهاب”، مطالبا المنتظم الدولي بالتحرك العاجل لحسم قضية الصحراء المغربية وإنهاء الإمدادات والدعم الذي توفره الجبهة الانفصالية للإرهاب.
وشدد المتحدث ذاته على أن عدم حسم نزاع الصحراء المفتعل بشكل نهائي من قبل المنتظم الدولي جعل الجماعات الإرهابية توسع نشاطها في إفريقيا، وتعقد ملف الإرهاب ومحاربته بالنسبة لدول القارة.
وتابع قمار بأن “مراكز تكوين العصابات الإرهابية تمول من طرف بعض الأجهزة في المنطقة، للتركيز على القضية وإثارة مشاكل جد خطيرة على دول المنطقة”، مشيرا إلى أن المغرب راكم خبرة كبيرة في مواجهة الإرهاب ومكافحته، وداعيا الدول الإفريقية إلى التعاون معه في الموضوع؛ كما أبرز أنه “من دون حل مشكل الصحراء المغربية لن تتوقف آلة إنتاج الإرهاب”.