هكذا ساهمت الجالية المغربية في تحرير بلجيكا ووضع أركان الدولة الحديثة

سلط موقع “ميدل إيست أي” البريطاني الضوء على أدوار الجالية المغربية في بلجيكا وإسهاماتها في بناء هذا البلد الأوروبي، من خلال شهادات مجموعة من المواطنين البلجيكيين ذوي الأصول المغربية، مؤكدا أنه “بعد الحرب العالمية الثانية واجهت بلجيكا نقصا حادا في اليد العاملة، نظرا لاحتياجات إعادة الإعمار، وهو ما دفع الحكومة البلجيكية حينها إلى توقيع اتفاقيات مع عدة دول لاستقطاب العمالة، من ضمنها المغرب”.
وأشار المصدر عينه إلى “وصول مئات المغاربة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و35 عاما إلى بروكسل مع بداية العام 1964″، مبرزا أنه “بفضل فهمهم اللغة الفرنسية كانوا محل ترحيب من قبل أرباب العمل البلجيكيين، قبل أن تنضم إليهم عائلاتهم في وقت لاحق، ليساعد ذلك بلجيكا في تحقيق انتعاش جيد خلال التوسع الاقتصادي”.
وعرفت المرحلة ذاتها، أي الستينيات، توسعا كبيرا في المدن البلجيكية والبنى التحتية من خلال تشييد الطرق والجسور وأنفاق المترو. وفي هذا الصدد نقل الموقع ذاته عن زكية الخطابي، وزيرة المناخ والبيئة البلجيكية ذات الأصول المغربية، قولها إن “العاصمة بروكسل تم بناؤها بفضل القوة العاملة للأجيال الأولى من المغاربة”، الذين توافدوا تباعا على هذا البلد.
يستمر المصدر عينه في اقتفاء الآثار والبصمات المغربية في المملكة الأوروبية، ليؤكد أن “المواطنين المغاربة كانوا يشكلون نسبا مهمة من القوة العاملة في أنظمة النقل بالعاصمة البلجيكية خلال السبعينيات، وصلت إلى 80 في المائة من مجموع العاملين في بعض الأوراش”، مشيرا إلى أن “الجالية المغربية اليوم في بلجيكا تتفوق في العديد من المجالات، من السياسة إلى القانون، وصولا إلى الطب والرياضة، ومرورا بالطبخ وعالم المال والأعمال”.
وفي المجال الفني برزت مجموعة من الأسماء المشهورة، على غرار المخرجين العالميين عادل العربي وبلاح فلاح، اللذين أخرجا عددا من الأفلام العالمية، كـ”بلاك” و”باد بوي فور لايف”، إضافة إلى سلسلة “ميس مارفيل”، ثم الممثلة لبنى زعربال التي مثلت دور البطولة في أفلام عديدة.
وأشار موقع “ميدل إست أي” إلى أن “فن الطبخ المغربي أصبح له تأثير قوي على المطبخ البلجيكي، ذلك أنه من الشائع العثور على أطباق مثل الطاجين والكسكس ضمن قوائم الطعام في المطاعم البلجيكية”.
عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، قال إن “المغاربة لم يساهموا فقط في إعادة إعمار بلجيكا بعد الحرب العالمية الثانية، وإنما ساهموا وضحوا بدمائهم من أجل استقلال هذا البلد وتحريره من الاستعمار النازي”، مشيرا إلى “وجود مجموعة من المقابر في هذه الدولة تشهد على ذلك، على غرار مقبرة جومبلو التي تضم رفات جنود مغاربة”.
وأضاف بوصوف، في تصريح لهسبريس، أن “اليد العاملة المغربية التي هاجرت إلى هذا البلد اشتغلت في مجموعة من القطاعات المهمة والحساسة التي ساهمت في بناء الاقتصاد البلجيكي”، مشددا في الوقت ذاته على أن “الجالية المغربية في بلجيكا هي جالية منتجة جعلت من هذا البلد مركزا تجاريا كبيرا يقصده كل مغاربة ومسلمي القارة الأوروبية”.
“المغاربة ساهموا في البناء السياسي والديمقراطي لبلجيكا، ويساهمون اليوم في تدبير الشأن العام البلجيكي”، يؤكد المتحدث عينه، موردا أن “العديد من المغاربة تقلدوا مجموعة من المناصب المهمة مع مختلف الأحزاب، سواء في البرلمان المركزي أو البرلمانات الجهوية؛ إضافة إلى حصولهم على حقائب وزارية في حكومة بروكسل نساء ورجالا”.
وخلص بوصوف إلى أن “الكثير من المرافق الصحية البلجيكية هي الأخرى يتم تدبيرها من طرف الكفاءات الطبية المغربية، إضافة إلى وجود عدد من الرياضيين ذوي الأصول المغربية الذين يساهمون في إشعاع قطاع الرياضة البلجيكي”، مشددا في الوقت ذاته على أن “المغاربة هم قيمة مضافة بالنسبة لهذا البلد من حيث التعريف به وتطوير اقتصاده”.