مدريد تُجري مفاوضات مع الرباط لإدارة المجال الجوي في الصحراء المغربية

أكد خوسي مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، ردا على سؤال وجهته إليه صحيفة “إندبندنتي”، وجود “اتصالات غير رسمية مستمرة” مع السلطات المغربية في ما يتعلق بإدارة المجال الجوي للصحراء المغربية، الذي كان الإعلان المشترك المغربي الإسباني، الصادر في 7 أبريل من العام الماضي وأيدت من خلاله مدريد مقترح الحكم الذاتي، قد أكد “إطلاق مباحثات حول تدبيره”.
وكانت الحكومة الإسبانية قد كشفت، في شهر مارس الماضي، “بدء مفاوضات مع المغرب بشأن إدارة وتنسيق المجال الجوي بين البلدين بهدف تحقيق قدر أكبر من الأمن والتعاون الفني”، فيما أفادت تقارير إعلامية إسبانية بـ”تعليق مدريد مفاوضاتها مع الرباط في هذا الشأن”، على إثر الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها رئيس الحكومة بيدرو سانشيز.
ويدار المجال الجوي للأقاليم الجنوبية للمملكة انطلاقا من مركز المراقبة الجوية في جزر الكناري، إذ تضطر الطائرات المدنية الوافدة إلى مطاري الداخلة والعيون في الصحراء المغربية إلى طلب تراخيص من المركز المذكور، وهو الوضع الذي تضغط الرباط من أجل تغييره تأكيدا لسيادتها الكاملة على أراضي الصحراء وبحرها وأجوائها.
عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “تأكيد ألباريس استمرارية المفاوضات مع المغرب في ما يتعلق بإدارة المجال الجوي للأقاليم الجنوبية، دليل واضح على أن مدريد تعول على المملكة المغربية ولا تريد خسارة رهان التعاون الثنائي مع هذه الأخيرة”.
وشدد المتحدث عينه على أن “تأييد مدريد مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، يحمل إشارة صريحة إلى أن الأمور ستتغير مستقبلا وأن مجموعة من الإشكالات، على غرار تدبير المجال الجوي، سيتم حلها على أساس من التداول والتفاوض”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “الصحراء تقع ضمن التراب المغربي بحكم الأمر الواقع، كما أن القوانين المنظمة لإدارة المجال الجوي ليست قرآنا منزلا. وبالتالي، فإن جميع المؤشرات تدل على أن الوضع بين الدولتين هو في إطار سليم. وعليه، فإنه سيتم التوصل بالتأكيد إلى حلول تنصف الوحدة الترابية للمملكة والتعاون الثنائي بين مدريد والرباط”.
من جهته، أورد سعيد إدى حسن، محلل سياسي باحث بجامعة “كومبولونتسي” بمدريد، إن “التحكم الكامل في المجال الجوي سيكون مفصليا في تثبيت السيادة على الصحراء المغربية منذ استرجاع المغرب للمنطقة”، موضحا أنه “في سبعينات القرن الماضي، بقيت نقطتان مهمتان لتثبيت هذه السيادة، هما ترسيم الحدود البحرية مع جزر الكناري والتحكم في المجال الجوي للمناطق الجنوبية”.
وأضاف أنه “بسبب تواجد المنطقة ضمن المناطق المتنازع عليها دوليا، قررت منظمة الطيران المدني الدولي الإبقاء على الوضع القائم إبان الاحتلال الإسباني: أي إدارة المجال الجوي للمنطقة من قبل هيئة الطيران المدني الإسبانية إينير (ENAIRE) إلى حين تسوية النزاع على مستوى القانون الدولي، لكن في ظل التحولات الأخيرة التي شهدها نزاع الصحراء واعتراف العديد من القوى الدولية بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية ودعم دول أخرى لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل للنزاع، بدأ الوضع يتغير لصالح الرباط”.
“خارطة الطريق التي وقعها رئيس الحكومة الإسباني الحالي، السنة الماضية، مع المغرب لإعادة بناء العلاقات الثنائية بين البلدين على أسس جديدة ودعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي، تضمنت عدة ملفات وقضايا عالقة، من بينها تفويت إدارة المجال الجوي الصحراوي إلى المغرب”، يؤكد إدى حسن، مشيرا إلى أن “تغير الوضع السياسي الداخلي الإسباني أثر سلبا على هذا الموضوع”.
في هذا الصدد، وتعليقا عن “إرجاء حكومة سانشيز مفاوضاتها مع المغرب على إثر الانتخابات”، أورد المحلل السياسي عينه أن “الحكومة الإسبانية قررت وقف المحادثات مع الجانب المغربي لاستكمال تفويت إدارة المجال الجوي للرباط بعد قرار سانشيز تنظيم انتخابات عامة سابقة لأوانها، وهذا أمر طبيعي في اعتقادي لأن سانشيز ليس من صالحه اتخاذ قرار استراتيجي كهذا في ظروف عدم استقرار سياسي داخلي واحتمال فوز اليمين بالانتخابات في إسبانيا، وبالتالي تغيير لون الحكومة”.
وخلص المتحدث عينه إلى أن “الدبلوماسية المغربية عليها أن تتشبث باستعادة السيادة على المجال الجوي للمنطقة مهما كلف الأمر من تضحيات أو تنازلات للحكومة الإسبانية المقبلة، لأن هذا الوضع سيضع المنتظم الدولي أمام أمر واقع جديد عليه التكيف معه”.