سياسة

لماذا تؤكد إسرائيل السيادة المغربية على الصحراء في السياق الزمني الحالي؟

في خطوة طال انتظارها، اعترفت دولة إسرائيل بمغربية الصحراء من خلال رسالة وجهها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى الملك محمد السادس، أكد فيها هذا الموقف الجديد الذي يأتي بعد أكثر من عامين على استئناف البلدين علاقاتها أواخر العام 2020 في إطار اتفاق ثلاثي ضم الولايات المتحدة الأمريكية.

تأتي الخطوة الإسرائيلية الأخيرة بعد تصريحات متضاربة لعدد من المسؤولين الإسرائيليين في ما يخص توقيت اعتراف تل أبيب بمغربية الصحراء؛ ففي وقت أكد فيه أمير أوحانا، رئيس الكنيست الإسرائيلي، قرب هذا الاعتراف خلال الزيارة التي قادته إلى المملكة، الشهر الماضي، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، قبل أسبوعين، بأن بلاده ستتخذ قرارها بشأن قضية الوحدة الترابية للمملكة خلال قمة النقب الثانية المرتقب أن تحتضنها هذه الأخيرة.

استكمال للمسار السياسي

شادي البراق عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، قال إن “اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء في هذا التوقيت هو استكمال لمسار سياسي ابتدأته تل أبيب مع الرباط وفق الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، الذي فتح بموجبه الجانبان فصلا جديدا من التعاون والتنسيق في جميع المجالات وفق المصالح العليا للشعبين المغربي والإسرائيلي على حد السواء”.

وأضاف أن “هذا القرار يمثل خطوة مهمة واستراتيجية في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وهو نتاج لجهودهما المتواصلة من أجل تعزيز التعاون والتفاهم المشترك”، موضحا أن القرار “ستكون له آثار إيجابية في تحسين العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين، كما أن هذه الخطوة تعكس الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس لطريقة تدبير المغرب لسياسته الخارجية وفق مبادئ راسخة، وستساهم في تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة والاستثمار والسياحة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا”.

وفي ما في ما يخص تأخير عقد قمة النقب الثانية وعلاقته بهذا الاعتراف الإسرائيلي، أفاد شادي البراق بأن “مسببات تأجيل القمة كما أكد وزير الخارجية المغربي، مرتبطة بتطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وتحتاج إلى توافر شروط موضوعية كي تحقق أهدافها، وبخاصة في ما يدعم الأمن والسلام بالمنطقة، واليوم مع هذه الخطوة الإسرائيلية المهمة تجاه المغرب وقضاياه الوطنية المقدسة، أصبح الوضع أكثر وضوحا، وأعتقد أن هذه الخطوة ستعزز الحوار السياسي بين البلدين وستساهم في تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبالتالي، فإن الرباط ستكون أكثر انفتاحا على مبادرات سياسية تجمع البلدين كقمة النقب ومبادرات أخرى”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “هذا الاعتراف ليس مجرد إجراء دبلوماسي، بل هو خطوة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون بين الشعبين المغربي والإسرائيلي، ذلك أن المغرب من خلال تعميق علاقته مع الجانب الإسرائيلي وفق قواعد ديبلوماسية واضحة، بإمكانه لعب أدوار طلائعية وفاعلة في سبيل إنجاح فرص السلام في الشرق الأوسط بسبب العديد من العوامل؛ أهمها المصداقية التي تميز الديبلوماسية المغربية”.

تسريع مسلسل “التطبيع”

علق إدريس قسيم، باحث في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، على التوقيت الذي جاءت فيه هذه الخطوة الإسرائيلية بالقول: “هناك رغبة إسرائيلية في التسريع بمسلسل تطبيع علاقاتها مع دول وأنظمة عربية وازنة ومؤثرة إقليميا، إذ تعتبر إسرائيل أن محطة التطبيع هاته تاريخية واستراتيجية لا يمكن التراجع أو التخلي عنها، لأنها من حيث الأهمية والرمزية والعوائد الاستراتيجية قد ترقى إلى ما تم تحقيقه مع اتفاقية كامب ديفيد الموقعة قبل أزيد من 40 سنة”.

وأضاف أنه “وإن ربطت الحكومة الإسرائيلية في السابق هذا الاعتراف بعقد قمة النقب، فإن ذلك لا يعدو أن يكون مناورة سياسية، وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن إسرائيل قد تخلت عن هذا المطلب، ولكن جل التصريحات تتحدث عن عقدها خلال شتنبر أو أكتوبر المقبلين، أضف إلى ذلك أن هذا الاعتراف قد يكون خطوة استباقية بطعم التهدئة من جانب إسرائيل التي ترمي إلى الالتفاف على حالة التوتر والاحتقان الذي أعقب هجومها على جنين، والذي كان موضع تنديد من جانب المغرب، بل وخرقا للشروط الموضوعية والسياسية لعقد هذه القمة حسب وجهة النظر المغربية”.

وخلص المتحدث لهسبريس إلى أن “المغرب ينظر لهذا الاعتراف من زاوية الالتزامات السياسية المؤطرة والمصاحبة لاتفاقيات أبراهام، إذ يجوز القول إن المغرب يتبنى في هذا الإطار نهجا واقعيا وبراغماتيا يُزاوج بين مواقفه المبدئية تجاه القضية الفلسطينية، وبين متطلبات التكريس الواقعي والموضوعي والقانوني لسيادته على الصحراء المغربية، الذي يمر بالضرورة عبر بوابة الاعتراف الدولي والتمثيل القنصلي، والمؤكد أن المغرب يرى في هذا الاعتراف خطوة متقدمة من شأنها الترويج للطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء، وربما إقناع دول أخرى بوجاهة وواقعية الرؤية المغربية”.

Elaouad

جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة. تقدم آخر أخبار المغرب والعالم العربي بالاضافه الي أقوي الفيديوهات والصور الحصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى