حقوقيون ينددون بتجنيد الأطفال في تندوف

سلطت فعاليات حقوقية وطنية وأجنبية، على هامش أشغال الدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، الضوء على تنامي تجنيد الأطفال بمخيمات تندوف رغم النداءات الأممية المتكررة حول خطورة الظاهرة التي تشكل انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان.
وحسب إحصائيات حديثة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) فإنه يتم تجنيد آلاف الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم، حيث تم التحقق من تجنيد أكثر من 93 ألف طفل من قبل أطراف النزاع في الفترة الممتدة من 2005 إلى 2020.
ووقفت الفعاليات الحاضرة في الندوة على مسؤولية الدولة المضيفة لمخيمات الصحراويين بمنطقة تندوف، في علاقة بتجنيد الأطفال الصحراويين في خدمات ذات طابع قتالي، سواء تعلق الأمر بالتزاماتها التعاقدية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، أو بموجب مصادقتها على اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها.
عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش”، قال إنه “رغم تضمين اتفاقية حقوق الطفل كل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للطفل، إلا أنها أغفلت ظاهرة تجنيد الأطفال، ما عدا المادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل التي قضت بوجوب اتخاذ كل التدابير التي تمنع اشتراك الأطفال دون 15 عاما في النزاعات المسلحة”.
في هذا الصدد، أوضح الكاين أن “السلطات الجزائرية لم تقدم قط جوابا مقنعا بخصوص حماية الأطفال الصحراويين بمخيمات تندوف، في إطار تفاعلها مع هيئات المعاهدات، وبحث لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل مدى التزامات الجزائر بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة”.
وأكد المتحدث، من خلال التوضيحات التي قدمها لهسبريس، أن “اللجنة لاحظت أن الهيئة الوطنية الجزائرية لحماية وترقية الطفولة لم تدل بأي بيانات بشأن تنفيذ البروتوكول الاختياري في علاقة بالأطفال الصحراويين الذين يحتمل أنه تم تجنيدهم أو استخدموا في أعمال عدائية، وحثت السلطات الجزائرية على تعديل تشريعاتها بشكل يضمن تحديد سن التجنيد في 18 سنة على ترابها الوطني، وكذا لدى تنظيم البوليساريو المسلح”.
وأردف الحقوقي ذاته بأن “تفويض دولة الجزائر ولايتها القانونية والقضائية لتنظيم عسكري غير دولتي يعقد من إمكانية تعزيز حماية الأطفال من عمليات التجنيد القسري المنتشرة في المخيمات، بالمخالفة لالتزامات الجزائر بموجب اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولها الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وكذا وفق اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الملحقة”.
فيما استعرضت المامية حمي، فاعلة مدنية بالداخلة، مشاريع “بعث الأطفال الصحراويين في وفود طلابية صحراوية للدراسة بالخارج، لاسيما بكوبا، سنوات الثمانينيات، وتعريضهم لعمليات ممنهجة لتغريبهم ووضعهم قسرا في مجتمعات بمثابة مشاتل لتفريخ جنود أطفال وعمال لا يصلحون إلا للخدمة العسكرية الشاقة والعمل المضني، وعمليات الشحن الإيديولوجي المطول”.
ولفتت حمي، في هذا الإطار، إلى أن “هؤلاء الأطفال الجنود يتعرضون لصدمات قوية تعثر مسار تطورهم الدراسي والسيكولوجي، وتحد من نموهم داخل النسيج الاجتماعي بشكل طبيعي، كما تزيد من عدوانيتهم وميلهم إلى العنف بسبب تعرضهم للضغط النفسي في سن مبكرة”.
وأضافت المتحدثة أن “مسؤولية تجنيد الأطفال الصحراويين تقع على الحكومة الجزائرية لعدم الالتزام بمسؤوليتها الحمائية تجاه الصحراويين بالمخيمات، وكذا لاستمرار تزويدها تنظيم البوليساريو بالأسلحة، التي تنتهي في أيدي الأطفال الصغار كنتيجة لإصرار الجبهة على تزويد صفوفها بأعداد إضافية من الجنود، نظرا لحالات الفرار والتخلي عن الجندية التي طالت مجموعاتها العسكرية منذ عقدين من الزمن”.
وأطلقت الفاعلة المدنية ذاتها نداءات إلى “كافة فعاليات المجتمع المدني للضغط من أجل إيقاف عمليات تجنيد اليافعين والقصر بالمخيمات، وضرورة رسم خطوط وبرامج تساعد على إعادة المجندين سابقا إلى مقاعد الدراسة، وإلى بيئتهم الطبيعية لاستكمال نموهم، بدل امتشاق فوهات المدافع”.