“بلوكاج” انعقاد المؤتمرات يهدد أحزابا مغربية بالحرمان من الدعم العمومي

تواجه العديد من الأحزاب السياسية المغربية تحديات كبيرة في ضبط ساعتها وفق ما ينص عليه قانون الأحزاب بخصوص احترام المواعيد الضرورية لتنظيم مؤتمراتها وتجديد هياكلها وقياداتها، الأمر الذي يشكل مصدر إزعاج للبعض ويجعل آخرين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من الحرمان من الدعم العمومي.
في هذا السياق، يقفز حزب الاستقلال العريق مباشرة إلى الواجهة عند الحديث عن الموضوع، وذلك بسبب الخلافات التي يعيش على إيقاعها منذ أشهر وأدت إلى تأجيل المؤتمر الوطني الثامن عشر لأزيد من سنة ونصف السنة، ما يجعله عمليا خارج الإطار الذي حدده قانون الأحزاب.
وضع مشابه لما يعيشه حزب الاستقلال وإن بدرجة أقل، يعاني منه حزب العدالة والتنمية، الذي أعاد انتخاب عبد الإله بنكيران أواخر 2021 أمينا عاما في مؤتمر استثنائي، عقب الهزيمة المدوية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ومضت سنتان تقريبا من دون أي حديث عن المؤتمر، خصوصا وأن الرجل يعتبر مؤتمر انتخابه عاديا، وليس استثنائيا.
إلى جانب “الاستقلال” و”العدالة والتنمية”، يظهر في الصورة حزب اليسار الاشتراكي الموحد، الذي تقوده نبيلة منيب، والذي شرع في الإعداد لعقد مؤتمره الخامس في أكتوبر المقبل، فضلا عن أحزاب أخرى.
في تعليقه على الموضوع، اعتبر إسماعيل حمودي، محلل سياسي أستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن احترام الأحزاب لقوانينها الداخلية “علامة على النضج والديمقراطية الداخلية”، وأكد أن المؤتمرات “فرصة للتداول والنقاش وتجديد النخب داخل الأحزاب”.
وأضاف حمودي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن كل حزب سياسي “تأخر أو لم يلتزم بانعقاد مؤتمره في الوقت المحدد، يخلف موعده مع الحوار والنقاش وتجديد النخب، وبالتالي مع الديمقراطية الداخلية”.
وشدد على أن القانون يلزم الأحزاب بـ”احترام قوانينها الداخلية وعقد مؤتمراتها في الوقت المحدد، وأي تهاون في الالتزام بمقتضيات قانون الأحزاب، فهو تعدٍّ على هذا القانون”.
وأفاد المتحدث ذاته بأن من الناحية العملية لـ”كل حزب مبرراته وظروفه التي تسمح أو لا تسمح بعقد المؤتمرات في وقتها المحدد”، وتابع موضحا أنه “بالنسبة لبعض الأحزاب، المؤتمر ليس هدفا في حد ذاته، لأنه قد يكون فرصة لتعميق الخلافات”.
وزاد أن بعض الأحزاب السياسية ترى أن “عقد المؤتمر قد يعمق الانقسامات ويضعف القيادة، وبالتالي تعتقد أنها بحاجة إلى مزيد من الوقت للملمة خلافاتها ومحاولة رص الصف الداخلي في حدوده الدنيا”، في إشارة إلى ما يعيشه حزب الاستقلال.
من جهته، سجل المحلل السياسي محمد شقير أنه مقارنة بالعقود السابقة، فـ”قانون الأحزاب الجديد ركز على ضرورة عقد الأحزاب لمؤتمراتها في الآجال المحددة، والعديد من الأحزاب نفذت هذه الممارسة نظرا لأنها تعرف أن هناك عقوبات مالية، إن شئنا القول، لأن أي حزب لا يعقد مؤتمره في الآجال المحددة يحرم من الدعم”.
وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا الشرط المتضمن في قانون الأحزاب دفع “العديد من الأحزاب السياسية إلى عقد مؤتمراتها بانتظام”، معتبرا أن هذا الأمر “لا يعني أنه أدى إلى تطوير الديمقراطية الداخلية للأحزاب”.
وأوضح أن قانون الأحزاب لعب “دوراً كبيراً في احترام الأحزاب لمؤتمراتها والعمل على إصلاح بعض الأعطاب التي كانت تعاني منها، وهذا الأمر انخفض مقارنة بالسابق، حيث كانت الأحزاب لا تعقد مؤتمراتها إلا بعد 10 سنوات أو أكثر”.
واعتبر المحلل السياسي ذاته أن هذا الأمر فيه استثناءات، ناتجة إما عن “خلافات داخلية أو ظروف انتخابية”، مبرزا أن المسألة “لم تعد بالسوء الذي كان من قبل، ووقع تطور كبير وجل الأحزاب تعقد مؤتمراتها بشكل منتظم”.
وسجل شقير أن هذه الممارسات “لم تكرس الديمقراطية الداخلية لدى الأحزاب، لأن قائد حزب مازال يتولى أكثر من ولاية، الشيء الذي يبين أن هذه الآلية لم تؤد إلى النتائج المرجوة”، وبالتالي “لا يمكن أن تشكل عاملا لترسيخ الديمقراطية الداخلية”.