سياسة

الدعم الصيني لمقترح الحكم الذاتي بالصحراء المغربية يقلق النظام الجزائري

في وقت تسعى فيه السياسية الخارجية الجزائرية بكل الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية إلى استمالة مواقف الدول، خاصة تلك المؤثرة في القرار الدولي، لتتماها مع أطروحتها الداعمة لجبهة البوليساريو والمعادية للوحدة الترابية للمملكة، على غرار جمهورية الصين الشعبية التي زارها مؤخرا الرئيس الجزائري دون أن تخلو المحادثات بينهما من إقحام لقضية الصحراء المغربية.

في هذا الصدد، سلط تقرير حديث صدر عن “مركز الإمارات للسياسات” الضوء على تطور العلاقات بين الجزائر وبكين، إضافة إلى التحديات التي تعتري العلاقات بينهما، موردا أن “الصين والجزائر تشتركان في محددات أساسية رسمت الهوية الثورية ومعاداة الإمبريالية الغربية في البلدين”، مضيفا أن “حجم التبادل التجاري بين الجانبين وصل إلى حوالي 8 مليارات دولار العام الماضي”.

المصدر ذاته أشار إلى أنه رغم ذلك، إلا أن “الجزائر هي الشريك الأصغر في العلاقات الثنائية، ويظهر ذلك جليا في حجم الصادرات الصينية إلى الجزائر التي تتجاوز 7 مليارات دولار سنويا”، مبرزا أن “الجزائر تنظر إلى الصين باعتبارها شريكا تاريخيا في مقاومة الإمبريالية رغم التغيرات الجذرية التي شهدتها إيديولوجيا الحكم في بكين، وترى فيها بديلا للمنظومة الاقتصادية الغربية التي لا تتوافق مع رؤيتها للنظام العالمي”.

كما توفر القدرات التمويلية الهائلة للصين فرصة مهمة بالنسبة للجزائر؛ ذلك أن “بيكين مرنة في عدم فرض شروط سياسية أو إصلاحية أو تلك المتعلقة بمحاربة الفساد من أجل الانخراط في علاقات اقتصادية أو استثمارية مع الدول، وهو ما يوفر للجزائر بديلا يجنبها مؤسسات الاقتراض الدولية المدعومة من الغرب”.

وحول تحديات العلاقات بين البلدين، كشف التقرير المعنون بـ”الموازنة والتحوط: العلاقات الصينية-الجزائرية في ظل تنافس القوى العظمى”، أن أهم نقاط الخلاف “تكمن في توقعات الجزائر إزاء موقف بكين من حركة البوليساريو وقضية الصحراء المغربية؛ ذلك أن الصين كانت داعمة في وقت سابق لحركات التحرر في إفريقيا والعالم العربي خلال فترة حكم ماو تسي تونغ”، غير أنه حدثت تحولات كبرى في السياسة الخارجية الصينية وصارت تنحو منحى البراغماتية، وهو “ما ينسحب على موقفها من قضية الصحراء المغربية الذي يستند إلى سياسية الموازنة الاستراتيجية في العلاقات بين كل من المغرب والجزائر”.

وأضاف المصدر ذاته أن جمهورية الصين الشعبية “تواصل في العلن التمسك بموقف محايد حول هذا النزاع وتشجع الأطراف على التوصل إلى حل عادل ودائم على أساس المفاوضات، دون تقديم أي مبادرات للوساطة بين الطرفين كما يأمل المسؤولون الجزائريون”، مشيرا إلى أن “ما يقلق بعض المسؤولين في الجزائر أن الصين تظهر دعما لخطة الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب خلال محادثاتها السرية مع المغاربة، إذ يعتبرون ذلك موقفا محيرا”.

وفسر التقرير هذا الموقف الصيني بـ”الانعكاسات المباشرة وغير المباشرة على وحدة الأراضي الصينية نفسها؛ ذلك أن الدفع باتجاه إجراء استفتاء قد يفضي إلى استقلال الصحراء المغربية سيتحول إلى سابقة تصبح بموجبها الصين في موقف مطالبة بإقرار إجراء مماثل على حق تقرير المصير في الأقاليم الصينية التي تشهد نزعات انفصالية، على غرار إقليمي شينجيانغ والتبت”.

كما أن الصين ترى أن المملكة المغربية تزداد قوة وأهمية استنادا إلى اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل الذي اعترفت بموجبه الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، إضافة إلى النفوذ المتزايد للرباط في منطقة الساحل والصحراء، زد على ذلك أن هذا الموقف الصيني الحذر تحكمه، إضافة إلى المحددات السياسية، محددات اقتصادية ذات أهمية هي الأخرى.

وحول هذه المحددات، أورد التقرير أن “الصين تحاول التموقع في المنطقة من خلال لعب دور مركزي في مشاريع الربط اللوجستي بين إفريقيا وأوروبا عبر شمال إفريقيا التي باتت تملك بنية تحتية صلبة، خصوصا في المغرب”، حيث تساهم مجموعة من الشركات الصينية في تجديد وتشييد البنيات التحتية المغربية.

وأضافت الوثيقة نفسها أن “القيادة الجزائرية ترى أن الصين وروسيا قوتان تعوضان التراجع النسبي في معادلة القوة مع المغرب المدعوم من واشنطن وباريس وتل أبيب، رغم أن الجزائر ما زالت تتمتع بعلاقات جدية مع واشنطن؛ ذلك أن آخر ما ترغب فيه الجزائر في السياق الحالي هو تقويض علاقاتها مع الدول الغربية بشكل لا يمكن إصلاحه”.

وخلص مركز الإمارات للسياسات في تقريره إلى أن “الصين ترى في الجزائر شريكا محتملا في استراتيجيتها لإعادة هيكلة النظام العالمي، غير أن هذا الدور لا يشمل خلق عداءات غير ضرورية مع المغرب أو الدول الغربية في منطقة شمال إفريقيا بمستوى قد يزعزع استقرارها”؛ ذلك أن بكين لا ترغب في عسكرة علاقاتها مع إفريقيا ولا تريد أن تلعب أي دور في تحقيق توازن عسكري بين دول المنطقة.

Elaouad

جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة. تقدم آخر أخبار المغرب والعالم العربي بالاضافه الي أقوي الفيديوهات والصور الحصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى