اتفاقية الصيد.. هل تقوي محكمة العدل الأوروبية حبل الثقة بين الرباط وبروكسيل؟

تواصل أوروبا التعبير عن رغبتها في تجديد بروتوكول اتفاقية الصيد البحري مع المملكة المغربية، إذ كشفت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء المنصرم، “وجود استعداد أوروبي لبحث اتفاق جديد فور صدور قرار محكمة العدل الأوروبية”.
قرار المحكمة المرتقب يواجه “ضغطا أوروبيا” نحو بحث اتفاق جديد مع المغرب، خاصة وأن أكبر المستفيدين، الجارة الشمالية، بدأت تقف على “عواقب فشل تجديد البروتوكول”، سواء من خلال دعوات الحكومة أو الصيادين الإسبان إلى أهمية الاتفاقية مع المغرب.
أمام ذلك، سيكون القرار المستقبلي لمحكمة العدل مقياسا للوحدة الأوروبية ومدى رغبة المؤسسات بالقارة العجوز في الحفاظ على مصالح بلدانها الاقتصادية والسياسية.
وإن كان قرار محكمة العدل الأوروبية نتيجة “دعاية مغرضة لجبهة البوليساريو”، عرّضت مصالح بلدان أوروبا إلى الخطر، فإن الحكم المستقبلي يمكن أن يكون “محطة تصحيحية”، و”حفظ ماء الوجه”، و”قنطرة لتقوية حبل الثقة بين بروكسيل والرباط”، اللتين تعيشان على وقع شراكة استراتيجية تتجاوز كل أشكال الحسابات الضيقة.
رسالة واضحة
شريفة لموير، محللة سياسية، ترى أنه “في الوقت الذي لم يصدر فيه أي حكم نهائي في ملف اتفاقية الصيد، فإن واقع الحال يفرض استمرار سريان هاته الاتفاقية، وعدم دخول أي حكم سابق بهذا الشأن حيز النفاذ، كما أن إبداء المفوضية رغبتها في التجديد، رسالة واضحة لكل الأطراف، سواء الأوروبية أو الخارجية، حول تشبثها بشريكها التقليدي المغرب”.
وأضافت لموير، في تصريح لهسبريس، أنه “لا يمكن إنكار العرقلة التي خلقها الكيان الوهمي لهذا الملف، لكن هذا التشويش ليس بالقوة التي يمكن أن تلعب دورا هاما في استمرار الوضع الذي تعرفه اتفاقية الصيد، خاصة بعد محاولات البوليساريو الطائشة بيع السراب والتدخل على خط الاتفاقية، لكن شركاء المغرب يعون جيدا حقيقة كل هذا العبث الذي تحاول خلقه البوليساريو”.
“قانونيا، لا يمكن التنبؤ بما سيحمله حكم محكمة العدل الأوروبية”، تورد المحللة السياسية عينها، مبينة أن “الجانب الأوروبي سوف يراعي الأضرار التي ستلحق به إن هو اتخذ أي خطوة من شأنها منع سريان اتفاقية الصيد، إذ من المتوقع ألّا يصدر قرارا يعمق من وقع الضرر الحاصل جراء وقف بروتوكول الاتفاق”.
التجديد وفق شروطنا
من جانبه، اعتبر عبد النبي صبري، أستاذ في العلاقات الدولية، أن “اتفاقية الصيد بين الرباط وبروكسيل جاءت في إطار قانون البحار لسنة 1982، الذي أكد الحق الحصري للدول الساحلية ذات السيادة في ممارسة سيادتها البحرية الكاملة”.
بحسب صبري في حديثه لهسبريس، فإن “الاتحاد الأوروبي عازم على أن يستمر هذا الاتفاق، وتعرقل تجديد البروتوكول أمر يهم الأوروبيين فقط، ولا يهمنا نحن المغاربة”.
وقال: “السيادة لا تقبل التجزئة، وما وقعه المغرب مع أوروبا يشمل كامل أقاليمه الترابية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إبرام اتفاق يهم أقاليم محددة”.
وشدد أستاذ العلاقات الدولية على أن “السيادة لا تتقادم تماما، والمملكة المغربية لها قرون من الوجود وتعلم مجال تواجدها الترابي”، متسائلا في الوقت عينه: “من يجب أن يحصل على الأهلية للتقاضي أمام القانون الدولي غير الدول ذات السيادة؟”.
وأشار المصرح لهسبريس إلى أن “قبول شكاوى جمعيات ممولة من جهات معروفة، لا يجب أن يلزم الدول الأوروبية ويعرقل مصالحها الاقتصادية”.
وخلص صبري إلى أن “المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، ومن يريد أن يجدد الاتفاق مع المملكة المغربية، فليفعل ذلك تحت الشروط المغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار كل الضوابط القانونية الأخرى”.