أزمة الحرائق وتعزية رسمية.. المغرب يواصل سياسة “اليد الممدودة” إلى الجزائر
رغم استمرار التباعد السياسي والدبلوماسي بين البلدين، يواصل المغرب نهج “سياسة اليد الممدودة”، رافضاً وصول واقع العلاقة إلى حد “القطيعة”، وهو ما يبرز من خلال عدد من المواقف، آخرها إعلان المملكة متابعتها “ببالغ الأسى والأسف حرائق الغابات التي اندلعت في عدد من المناطق بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية”.
كما تقدّم المغرب، عبر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في بلاغ رسمي صدر الثلاثاء، بـ”صادق التعازي لما خلفته هذه الحرائق من خسائر في الأرواح، وخالص المتمنيات بالشفاء العاجل للمصابين”.
وسبق للمغرب أن عرض، بأمر من الملك محمد السادس، مساعدته على الجزائر في إخماد الحرائق الغابوية التي اندلعت في غشت من سنة 2021، الأمر الذي غيّبه، وفق مراقبون، إغلاق الجزائر مجالها الجوي أمام الطيران المغربي منذ شتنبر 2021.
عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، قال إن المتابع للعلاقات المغربية الجزائرية سيلاحظ أن المغرب كانت يده دائما ممدودة للجزائر في أوقات الأزمات، سواء في فترة خضوعه للاستعمار الفرنسي من خلال الدعم العسكري لجيش التحرير أو الدعم السياسي والدبلوماسي للحصول على استقلاله، أو أثناء الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزلازل وحرائق الغابات، بحيث لا يتردد في عرض تقديم مساعدته المادية والتقنية واللوجستية للتخفيف من حدة المعاناة الإنسانية التي تخلفها هذه كوارث.
وأضاف بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، أن الكوارث الطبيعية “هي لحظة إنسانية بامتياز، تتطلب التضامن بين الدول والشعوب”، معتبراً أن المغرب “يؤمن إيمانا راسخا بأن علاقات الجوار التي تربطه بالجزائر سوف تنكسر أمامها كل الخلافات السياسية مهما طالت وتعمقت”.
ولفت الخبير في العلاقات الدولية إلى أنه “لا يمكن أن تكون العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين البلدين حاجزا أمام تقديم الدبلوماسية المغربية واجب العزاء والمواساة في الضحايا الذين سقطوا بسبب الحرائق”، معتبراً ذلك “واجبا دينيا وأخلاقيا وإنسانيا يعبر عن شعور اللحظة التي يجب أن يتجاوز الخلافات السياسية”.
وأشار إلى أن “بلاغ وزارة الخارجية المغربية يؤكد انشغال المغرب بما يحدث، وأن مسألة طلب تقديم المساعدات اللوجستية هي مسألة مرتبطة بالسلطات الجزائرية أكثر منها بالسلطات المغربية، وأن المغرب من حيث المبدأ مع التضامن الذي يعتبر أحد القيم الأساسية للعلاقات الدولية”.
من جانبه، قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن المملكة المغربية “تلجأ دائما إلى تعزيز التعاون مع أي بلد كان وإن كان في صراع جيو-سياسي معها، عوض المواجهة”، معتبراً التعزية الرسمية للمملكة المغربية في ضحايا حرائق الجزائر “تجسيدا صريحا لسياسة اليد الممدودة تجاه الجزائر التي عبر عنها جلالة الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة”.
وأبرز بودن، في حديث لهسبريس، أن الدبلوماسية المغربية “تقدم حافزا للسلطات الجزائرية قصد دفن الأحقاد”، مشدّداً على أنه “لو توفّر حد أدنى من الاتصال بين البلدين عبر القنوات المعروفة، لما كان التعبير عن التعزية هو فقط ما يمكن تقديمه من طرف المغرب”، مشيراً إلى الجهود التي يستطيع المغرب بذلها للمساهمة في إخماد الحرائق المندلعة في مناطق مختلفة من الجزائر.
وبذلك، يضيف الخبير في العلاقات الدولية، فالمغرب “يواصل أمام أنظار المجتمع الدولي ضخ جرعة من المشاعر الإيجابية في روح الأخوة بين توأمين، والتأكيد على إيجابيته في محيطه الإقليمي من منطلق دبلوماسية المبادرات والقيم”، مستغرباً استمرار اتباع السلطات الجزائرية “سياسات متشددة وعقيمة في المنطقة دون استلهام التجارب الدولية التي يحصل خلالها تفاعل عفوي مع التعازي وعروض المساعدة في لحظات الأزمات والكوارث”، وفق تعبيره.
شاركها على تويتر:
إرسال التعليق